السبت، 23 يوليو 2016






منذ بداية الحرب أدركت أنها ستأكل شيئا من جذعي ..
عامان وأنا أضمد جرح غيابه ... وهيهات.

إلى زيد الذي أطفأ الشموعَ وغادر.


تغادرني وفي شفتي النداءُ
ولم يُجدِ الدعاءُ ولا والبكاءُ

وتدري حين تتركني .. ستمضي
الصباحاتُ الجميلةُ والمساءُ

وأعرفُ سوف تتعبني انتظارا
وأسألُ عنكَ أين غدا اللقاءُ

أجبني .. لا طريقَ إليك يفضي
ولا زمنُ الضياعِ له انتهاءُ

أراكَ مع السرابِ خيوطَ ماءٍ
تَلوحُ .. ولم يكن بالسفحِ ماءُ

أود بأن تعودَ ولو قليلا
ورحلتُكَ الطويلةُ لا تشاءُ

أريدك أن تلم غبارَ عمري
لأن العمرَ أكثره هباءُ

جَبينُك أيها الولدُ المُحَنا 
أمانٌ والتفاتتك الضياءُ

وصوتُك كان آخرَ ما تَبقَّى
بصدري .. فهو حصني والرجاءُ

وحيدا أقطع الطرقات صمتا ..
غريبا حيث يأكلني العراءُ

ومثل النخلِ أكتمُ كل حزني
وحزنك يا حبيبي كربلاءُ

فراتُكَ منذ أن أظما حسينا
تَعرَّى حدَّ مات به الحياءُ

ويبحثُ عن قرابينٍ عذارى
ليَدفنَها .. ويبقى الأغنياءُ

دماكَ ..
دماؤهم ...
يا حيف صارت
بضاعةَ كل من ذهبوا وجاؤوا

وتنظرُهُم عيونُك كبرياءً
وأعراسُ الشهادةِ كبرياءُ

وأنتَ على شفا حلمٍ أخيرٍ
تُلوِّحُ لي وكفك كستناءُ

ترشُّ على المدى مطرا خجولا
فيزهرُ فوقَ قامتك الفضاءُ

تنادي والصدى يبدو بعيدا
فتعثرُ .. ثم تَحضنُكَ السماءُ

نعم .. يا ليتنا عدنا صغارا
لتحميَنا العباءةُ والرداءُ

ونركضُ خلفَ أمك .. خلفَ أمي
ندورُ وحولنا الشمعُ المضاءُ

نُذورُ الأمهاتِ أما حمتنا 
أما سمعت نداها الأنبياءُ ؟

لماذا تُقتلُ الأحلامُ فينا
وتذرو حقلَنا الريحُ الخواءُ ؟

لماذا كلما نَضَجت ثيابٌ
لعاشقةٍ تَلبَّسها العزاءُ ؟

كأنَّ حضارةَ الأنهارِ كانت 
مواويلا وأعيننا الوعاءُ

لهذا خُذ بِقربكِ نايَ روحي
وضَعه حيثما يبكي الغناءُ

ولا تنظر إلى قسمات وجهي
فليس بِطيِّها إلا العناءُ